في 2-5-2017 أطلق حكم المباراة الإنجليزي مارتن أتكينسون صافرة النهاية معلن عن نهاية لقاء ذهاب نصف نهائي الأبطال لموسم 2016-17 بفوز ريال مدريد على أتلتيكو مدريد 3-0. مرة أخرى نتيجة الديربي بالأبطال كانت لصالح من يحكم العاصمة (مدريد). بعد نهائي 2014، دور 8 في 2015 ونهائي 2016 .
كثير من عشاق ريال مدريد لم يفضلوا مواجهة الأتلتي لسببين، الأول رغبة الأتلتي بالثأر بعد إقصائنا لهم بالثلاث سنوات الماضية (مرتين منهم كانت بالنهائي)، السبب الثاني هو كثرة مواجهاتنا لهم مما يجعل كل طرف كتاب مفتوح بالنسبة للآخر وبالتالي فقدان عنصر المفاجأة .
زيدان تفوق على سيميوني بلقاء الذهاب تكتيكياً ونتيجةً
عندما يعرف كل خصم طرفه الآخر جيداً لكثرة مواجهاته، يصبح التفوق مرهون بالتحضير الجيد والتركيز على التفاصيل الصغيرة وهذا بالضبط ماحصل .
"حضرنا جيداً للقاء، كنا مركزين على مصادر قوتنا وقوتهم" جملة قالها زيدان قبل اللقاء وكررها بعده .
من شاهد اللقاء تبين له تحضير زيدان للقاء بشكل ممتاز. سيميوني لعب بطريقة 4-4-2، غريزمان وغاميرو بالمقدمة ساؤول بجانب غابي بالإرتكاز وكوكي وكاراسكو عالأطراف. سيميوني ضغط بكثافة لكن هذا الضغط كان سيء ولم يثمر بسبب تحضير زيدان للاعبيه بشكل جيد بحيث عرفوا كيف يتعاملون بامتياز مع هذا الضغط. زيدان بدوره قرر اللعب بإيسكو كمعوض لبيل، وزع لاعبيه 4-3-1-2 على أرض الملعب، إيسكو كلاعب رابع لثلاثي خط الوسط المعتاد. هذا الأمر وفر لمدريد زيادة عددية بخط الوسط بأربع لاعبين، سيطرة أكثر عالكرة وتحكم برتم اللقاء مع عدم ترك مساحات للخصم. سيميوني طبق الضغط العالي بكثافة (غاميرو، غريزمان، كوكي، كاراسكو وساؤول .. ) لكن الأتلتي فشل لسببين أولاً لأن زيدان حضر لهذا الضغط بالزيادة العددية بالوسط باشراك إيسكو مما أعطاه تحكم أكثر وحلول بتناقل والخروج بالكرة، ثانياً بسبب عدم صغط الأتلتي كلحمة ولتباعد الخطوط بين لاعبي الوسط والأظهرة تحديداً فالمساحة بين كاراسكو وكوكي ولوكاس وفيليبي بعيدة لعدم الضغط العالي من الأظهرة لخطورة صعودهم تجنباً للفراغات التي كانوا سيتركونها خلفهم للاعبي مدريد .. شاهد هدف كريستيانو الثالث كمثال لكيفية استغلال لوكاس تلك المساحة عند صعود فيليبي بعد الـ 2-0 ومنها أتى الهدف الثالث .
ريال مدريد بدأ اللقاء بقوة، بأول 10 دقائق تمكن من تهديد مرمى أوبلاك 3 مرات، الأولى بعد إختراق داني لكن تصدى أوبلاك للكرة ثم أبعدها لركنية بعد إرتدادها من كريم. باللقطة الثانية جاء الهدف الأول بعد رفعة عرضية من كاسيميرو وضعها كريستيانو برأسه. بعدها أنقذ أوبلاك الأتلتي من الهدف الثاني بعد تصديه لرأسية فاران من ركنية .
الأتلتي بعدها استغل عدم تمركز كاسيميرو بشكل جيد قام كوكي بالتمرير لغامييرو الذي توغل بين راموس وفاران لحصل على إنفراد لكن تمركز نافاس الممتاز مكنه من إبعاد الكرة ببراعة، كايلور أنقذ الفريق من 1-1 كانت ستغير من مجرى ليس فقط لقاء الذهاب بل الإياب أيضاً. بعدها كان هناك خطأ من داني عندما فقد الكرة وكانت سيكون إنفراد لغاميرو وغريزمان لكن فاران قطع الكرة بتوقيت مناسب بعد أن صعد وضيق المساحة أمامهم .
ريال مدريد لعب 25-30 دقيقة بشكل ممتاز، زيدان كان يطلب من كاسيميرو التقدم لملعب الأتلتي عند تحضير وبناء الهجمة ليجبر غابي أو ساؤول للبقاء بمناطقهم وعدم الضغط بملعبنا، أيضاً لنتجنب خسارة الكرة ببناء الهجمة تحت الضغط لذا كان يقوم ببناء اللعب كروس، لوكا و إيسكو الذي كان بأغلب الأحيان يعود ليستلم ويسلم .
راموس كان ممتاز بربط الدفاع بالوسط وبناء الهجمات ليس فقط بتوزيع اللعب بل أيضاً بتوجيهاته وطلبه للاعبين بترابط الخطوط وعدم ترك مساحات. كروس كان مايسترو خط الوسط، بعيداً عن إحصائيته بعد اللقاء (مرر 104 تمريرة ونجح في 100 تمريرة منهم) لكن إختزال ماقدمه باللقاء بهذه الأرقام مجحف بحق الألماني. توني كان أهم عامل بخط الوسط ببناء الهجمة والخروج من الكرة خاصة مع ضغط الأتلتي عليه، يتمركز بمكان مناسب ليستلم من زملاءه ثم عندما يستلم إما يمرر لأفضل زميل (غير مضغوط)، يمرر ويأخذ خطوة ويتمركز ليعود ويستلم مرة أخرى أو يغير اللعب للجانب الآخر من الملعب بكرة طويلة بعيداً عن المساحات الضيقة والضغط. مهما تحدثت عن روعة ماقدمه الألماني سيكون مجحفاً بحقه .
لوكا كان ممتاز باللعب تحت الضغط وبالمشي بالكرة والإختراق. قدم مجهود عظيم وأفضل أداء له منذ العودة من الإصابة. إيسكو كذلك قدم أداء ممتاز باللعب بين الخطوط، النزول لمساعدة لوكا وكروس ببناء اللعب والخروج من الكرة .
بعد نصف ساعة تقريباً سيميوني بدل مراكز كاراسكو وكوكي، هذا أعطاهم أفضلية نوعاً ما مقارنة بما كانوا عليه قبلها. ريال مدريد تراجع قليلاً للمحافظة على التقدم ونجح بالخروج من أول 45 دقيقة 1-0، ما عكر الشوط الأول هو إصابة داني لكن ناتشو قدم لم يخيب الظن مرة أخرى .
زيدان: سعداء بأدائنا، الثلاث أهداف وفوق كل هذا بالمحافظة على نظافة شباكنا هنا بملعبنا.
راموس: أحد أهدافنا أن نحافظ على نظافة شباكنا والجميع قدم أداء عظيم .
أسينسيو: نعلم أهمية عدم إستقبال هدف بملعبنا .
فاران: سعداء جداً بالنتيجة. لم نستقبل هدف وهذا مهم بالأدوار الإقصائيه للأبطال .
نافاس: نظافة الشباب كان أحد أهدافنا خاصة بالأدوار الإقصائية فالهدف خارج ملعبك تتضاعف قيمته .
زيدان واللاعبين أكدوا بعد اللقاء أنهم دخلوا اللقاء برغبة تحقيق نتيجة إيجابية (الفوز) بالإضافة للمحافظة على نظافة الشباك . هذا الأمر لم يتحقق منذ مدة لكن لاعبينا نجحوا بذلك بأحد أهم لقاءات الموسم وبامتياز .
سيميوني بدوره صرح بمؤتمر قبل اللقاء أنهم سيلعبون للتسجيل بالبيرنابيو. من تابع سيميوني طيلة الثلاث سنوات بالأبطال يعرف أنه يفضل الهجوم والمجازفة (إن صحت) خارج ملعبه أكثر منها بملعبه. فعل ذلك (كمثال) أمام تشيلسي في 2014 عندما تعادل 0-0 قبل أن يفوز خارج بستامفورد بريدج ليتأهل للنهائي .
زيدان: لدينا لاعبين ممتازين هنا، إن تحلينا بالصبر بامكاننا إيذاء أي فريق .
هذا بالضبط ما ذكره زيدان قبل اللقاء: سنلعب 90 دقيقة طويلة. وهو ماطلبه من لاعبيه وطبقوه بالملعب. ريال مدريد لم يستعجل بالبحث عن الهدف الثاني كان يلعب بتوازن ودكاء كبير، بدأ الشوط الثاني بنفس الأسلوب مع إستمرار بانضباط وحذر بالجانب الدفاعي. الفريق ملتزم بأدوار دفاعية وتضييق المساحات لعدم خلق أي فرصة للاعبي الأتلتي ممكن يهددون خلالها مرمى نافاس .
زيدان: نعرف تماماً كيف كان علينا أن نلعب .
سيميوني قام بالدقيقة 58 بإخراج غامييرو وساؤول وإدخال توريس وغايتان وأشرك كوريا بالدقيقة 68 للعب عالأطراف أكثر، زيدان تدارك ذلك وأخرج إيسكو بالدقيقة 68 وأشرك أسينسيو للمساندة الدفاعية وليفتح الملعب بالعرض بشكل أكثر. بعد 5 دقائق فقط بالدقيقة 73 أتى الهدف الثاني ليتقدم ريال مدريد 2-0 عن طريق كريستيانو. بعدها بالدقيقة 77 زيدان أخرج كريم وأشرك لوكاس ليساند الطرف الأيمن بشكل أكثر دفاعياً وليلعب الفريق بالعرض أكثر لاستغلال المساحات خلف أظهرة الأتلتي عند تقدمهم أكثر مع 2-0. وفعلاً بعد عرضية أسينسيو التي لم يستقبلها لوكاس بشكل جيد جاء الهدف الثالث بعد مجهود مشترك بين كريستيانو ولوكاس بالطرف الأيمن أنهاها كريستيانو بالشباك ليجعل النتيجة 3-0 .
الأتلتي لم يشكل أي خطورة على مرمى نافاس ، التسديدة الوحيدة على مرمى نافاس كانت بالدقيقة 90 عن طريق غودين .
ريال مدريد عرف كيف يلعب، أفكار واضحة وتحضير ممتاز قبل اللقاء من الطاقم الفني بقيادة زيدان وتغييرات أثناء اللقاء لم تجاري تغييرات سيميوني فقط بل جعلتنا نتفوق بتسجيل هدفين آخرين .
زيدان: سعيد لأنه كلما دخل لاعب قام بعمل عظيم، هذا مذهل .
زيدان أدخل ناتشو، أسينسيو ولوكاس .. هذا الثلاثي الذي ساهم بشكل فعّال وإيحابي بنتيجة اللقاء لم يكلف النادي سوى 4.5 مليون € فقط. بالمقابل سيميوني أدخل 3 لاعبين، غايتان فقط كلف 35 مليون €. لا أريد مقارنة أسعار لاعبي الفريقين لكن ذكرت ذلك لأبين نقطة، زيدان كلما أشرك لاعب هذا الموسم كان يقوم بردة فعل إيجابية ويكون له دور مؤثر. هذا الأمر جعل كثيرين يلومونه لوضع هؤلاء بالدكة وعدم إشراكهم بينما بحقيقة الأمر هذه النقطة تحسب لزيدان. فأن يقدم أي لاعب دور إيجابي هذا ليس بالأمر السهل، إدارة مجموعة بهذه الجودة أمر يحسب له. صحيح نملك أفضل سكواد بأوروبا لكنهم لم يسقطوا من السماء، هذا نتاج عمل مستمر منذ أشهر من زيدان بتسيير المجموعة وإعطاء كل لاعب قيمة يشعر بها نتيجة ذلك هو ما نشاهده من إضافة لكل لاعب كلما شارك لدقيقة أو 90 دقيقة .
كريستيانو قدم لقاء كبير. يعجبني هذا الكريستيانو حتى مع تسجيله هدف فقط. ذكرت ذلك طوال الموسم. كريستيانو الجماعي، الذي يشارك زملاءه باللعب أكثر، يرجع للدفاع، يوجه .. هذه النسخة من كريستيانو أحبها وأفضلها على أي نسخة مضت.
ريال مدريد خرج من اللقاء الأول بما يريده. نتيجة ممتازة 3-0 وبشباك نظيفة بينما فشل الأتلتي بمبتغاه (التسجيل خارج أرضه)، زيدان تغلب على سيميوني وقطعنا 50% بالطريق لكارديف .
لم ينتهي شيء بعد هناك لقاء عودة علينا لعبه بنفس الرغبة، التركيز .. والذكاء .
دائماً وأبداً
HalaMadrid