السبت، 20 أغسطس 2016

حديدي منضبط لكنه منفتح وهادئ

(حديدي منضبط لكنه منفتح وهادئ)



عندما أصبح مدرب لريال مدريد في 4-1-2016 كرر على أهمية العمل الجاد لرفع المستوى البدني ولياقة اللاعبين ، واكتشف بعد 4 أيام تدريب أن الفريق ليس بوضع مثالي بدنياً. لم يكن يستطع أن يحضر صديقه أنتونيو بينتوس حينها ولكنه أعد لهم بريسيزون مصغَّر خلال أسبوعين بفترتين عمل صباحية وبعد الظهر . حينها قام بالمهمة بيرناردو ريكينا، خافير مالو و حميدو. ثمار هذا العمل ظهرت إبتداءً من شهر 3 عندما حقق الفريق 12 فوز متتالي بالليغا. ناهيك أن الـ 11 كان من أهم أسبابها التحسن البدني للفريق خلال أشهر (مارس، أبريل و مايو) .. أشهر الحسم .
ريكينا الآن أصبح مسؤول إشراف عن الإعداد البدني لجميع الفئات بالنادي بينما سيستمر مالو وحميدو بجوار .. بينتوس .

بعد موسم شاق أكمل أغلب لاعبي ريال مدريد اللعب مع منتخباتهم في بطولة يورو 2016 وجميعهم وصلوا لأدوار متقدمة. انتهى بهم الحال بإصابة (كريستيانو) ومع إنزعاجات عضلية (كروس، مودريتش و بيبي) .
بينتوس يعلم بصعوبة المهمة التي سيواجهها بريال مدريد، يعرف جيداً عدد اللقاءات التي سيلعبها لاعبي ريال مدريد بين النادي والمنتخب وأن النتيجة بنهاية الموسم يجب أن تكون واحدة .. الفوز بالبطولات .
بينتوس يرى أن معادلة الفوز سهلة = المزيد من الجهد + الإستمرار بالعمل البدني و النفسي .
زيدان والنادي لديهم قلق فبالمواسم الأخيرة التي يكون فيها منافسات دولية يكون الأمر مكلفاً على اللاعبين ويخوضوا موسم صعب بعدها لا تكون معه النتائج جيدة .
خوض اللاعبين موسم طويل يتبعه عدم راحة بشكل كافي بعد مونديال 2010، يورو 2012 و مونديال 2014 .. جعلهم يدفعون ثمن ذلك بتقديم مواسم لم تكن جيدة ساهمت بفقدان الألقاب بسبب سوء البدايات أو الإرهاق عند الوصول لوقت الحسم. بجميع المواسم الستة التي لعبها الفريق بعد بطولات قارية لم يتمكن الفريق من الفوز بلقب مهم (أبطال أو ليغا) .
مهمة بينتوس الآن هو منع تأثير بطولات قارية مهمة مثل يورو و كوبا أمريكا 2016 من التأثير على الفريق باستحقاقات الموسم القادم .


زيدان يريد القيام بثورة بالإعداد البدني، ولا يوجد من هو أفضل من أنتونيو بينتوس للقيام بها .. الرجل الذي جعله أقوى بدنياً كلاعب عندما كان باليوفي. زيزو أكثر من يُقدِّر بينتوس لأنه من جعله يكون بوضع بدني مكنه من أن يكون زيدان الذي أبهر العالم واستطاع أن يُظهر قدراته الفنية. بدون قوة بدنية لم يكن ذلك ممكناً ، هذا ما يُقره زيدان ويكرره كلما تحدث عن بروزه مع اليوفي كلاعب ومدى أهمية عمل بينتوس والآن يريد أن يحصل لاعبيه على ذلك .


أنتونيو بينتوس




إيطالي صاحب 54 سنة ليس فقط مدرب بمجال كرة قدم، سبق أن درّب بلعبة الجودو وألعاب القوى (المسافات القصيرة). لديه شهادة من كلية العلوم للمجهود البدني والرياضي من إيطاليا و فرنسا. قبل أسابيع كان بنادي أولمبيك ليون الفرنسي . ترك النادي الفرنسي بعد أيام فقط من إنضمامه له بعد إتصال من ريال مدريد وبالتحديد من صديقه زين الدين زيدان .

بينتوس كسب ثقة اللاعبين الذين تدربوا تحت قيادته خلال فترة تدريبه في اليوفي ، مما جعلهم يطلبون العمل معه مجدداً بعد أن أصبحوا مدربين بعد مرور السنوات . هكذا فعل فيالي بتشيلسي ، ديشامب بموناكو .. والآن زيدان بمدريد . 
بينتوس محترف ممتاز، بكفاءة عالية و تواضع. بعمله مهم جداً أن يعرف هوايات لاعبيه ليعرف نوع التمارين والإعداد الذي يناسبهم بشكل أفضل .

"بوقت تراباتوني كان لدينا نمو تدريجي كل ثانية"
هذا ما قاله توريتشيلي الذي تدرب تحت قيادته باليوفي وأصبح زميل لزيزو فيما بعد .

" هو شخص جدي ومحترف مثالي. لديه طريقته بالعمل لكنه يُكيفها بناءً على طريقة لعب الفريق التي يريدها المدرب. في باليرمو كنا نبحث عن الشراسة، الضغط .. كنا بحاجة لمن يزودنا بالوقود. أعتقد أن زيدان يبحث عن عمل آخر لأن كرة القدم التي يريدها تعتمد على تمرير الكرة وتحريكها ".
جوسيبي سانيو مدرب باليرمو (عمل معه في 2012-13)

بينتوس رجل من زمن آخر، بعيد عن الأضواء ، لطيف ومركز في عمله. بمزجه بين الإحترافية بالعمل وشخص طيب جعله يكسب ثقة العديد من اللاعبين الذين دربهم بمسيرته .. قبل أن يتحولوا لمدربين ويودون أن يعمل معهم مجدداً .



يقول مارريزيو كروسيتي صديق الطفولة لبينتوس :
بدنياً كان أقصرنا جميعاً لكنه أكثر من يركض ولديه مقاومة أكثر. أتذكر أننا عندما نتسابق فإنه يتركنا خلفه جميعاً .






ذكرت فترتين لعمله على سبيل المثال باليوفي و موناكو. واضح أن العامل المشترك بهما هو وصول الفرق لمراحل متقدمة بالموسم (نهائي ، نصف نهائي .. ) مما يعطي دلالة على أن اللاعبين بوضع ممتاز بدنياً .


ثاني أقسى موسم تحضيري


أعتقد أنه ثاني أقسى تدريب بموسم تحضيري يتلقاه اللاعبين بعد موسم كابيلو الأول 96-97 ، يقول هييرو عنه : 
" المعسكر التحضيري كان كله فضيع بالنسبة لحجم العمل الذي قمنا به. حقيقةً هو الأقسى بمسيرتي. أتذكر كنا نتدرب مرتين باليوم لمدة 15 يوم قبل أن يعطينا راحة لفترة ما بعد الظهر، كنا سعيدين. النادي رتَّب لنا زيارة لمدينة قريبة لعدة ساعات، بعد أن إنتهينا أضاع سائق الباص طريقه مما يعني أننا إضطررنا أن نسير بلا هدف للبحث عنه 3 ساعات .. وهذا يفترض أن يكون وقت راحتنا! أخبرنا المدرب أننا منهكين أكثر مما لو كنا نتدرب. لكن بالطبع أعادنا للتدريب باليوم التالي".



الركض 13 كيلومتر بكل تمرين بالجولة التحضيرية بمونتريال (كندا) و أمريكا
يقول بينتوس: " هناك عدة لاعبين يركضون 13 كيلومتر بكل لقاء. كل لاعب عليه أن يقوم بذلك بكل تمرين. مثلما هو الأمر روتيني للصحفي سيصبح عُرف لكل لاعب ".

ما قاله بينتوس ترجمه كعمل يومي وجعله أمر روتيني بتخصيص فترتين للتدريب للاعبين (صباحية و بعد الظهر) ، حيث قاموا بالركض ما لا يقل عن 13 كيلومتر بشكل يومي بكل حصة تدريبية بالجولة التحضيرية بأمريكا وكندا . الركض بسرعة مع المقاومة، اللقاءات المصغرة بنصف ملعب، الكرات الثابتة .. تنتهي بأن كل لاعب ركض 8 كيلومتر عالأقل خلال ساعة ونصف. بعدها يقوم بينتوس بقيادتهم للركض نصف ساعة لمسافة 5 كيلومتر إضافية .

رأينا البعض كيف يعاني، لكن اليوم كان التدريب خفيف "
زيزو مبتسماً بالمؤتمر الصحفي بعد أول حصة تدريبية .

" حديدي منضبط لكنه منفتح وهادئ "
هكذا يصفونه بالنادي .


نتدرب بأقصى طاقتنا .. دائماً 



السر بطريقة عمل بينتوس هي بالعمل البدني الشاق للمنافسة. فبعد النجاح لا يوجد ألم. بينتوس كان واضح مع اللاعبين من اليوم الأول وبأهم عبارة :
" يجب أن نتدرب دائماً 100% لنلعب 100% ".
بينتوس يرفض أن يرتاح لاعب بلقاء وهو لا يعاني من أي شيء فقط لأنه خائف من الإصابة، فإذا لم يشارك باللقاء عليه أن يتدرب بجد ليكون جاهز للقاء القادم. هو يتبع مدرسة ( إذا تدربت بأقصى طاقتك ستتجنب الإصابات ). عكس تماماً المدرسة التي تريح اللاعبين بتدريبات خفيفة تجنباً للإصابات. بينتوس و أورتيغا (مدرب اللياقة بالأتلتي) .. الإثنان يتبعان نفس المدرسة بضرورة العمل بجد دون راحة .

بينتوس يرى أنه من الأساسي لكل لاعب أن يكون لديه عمل بدني متراكم وهو أساسي ليشعره ذهنياً ونفسياً للعب اللقاءات بدون معاناة مما يؤمن لهم الفوز. بينتوس يشرح ذلك بقوله: " تركض أكثر اليوم ستفوز بقادم الأيام ".
هذه المقولة تذكرنا بتصريح زيدان بعد خسارة الديربي 0-1 في 27-2-2016 ، يومها ركض لاعبي الأتلتي أكثر من لاعبي ريال مدريد بالرغم أنهم قادمون من لقاء آيندهوفين بالأبطال لعبوا 120 دقيقة قبل أن يتأهلوا بركلات الجزاء .
زيزو قال بعدها بالمؤتمر: عليك أن تركض مثل الخصم بكل لقاء لتفوز بواسطة مهارتك

العمل البدني لا يعني أن زيدان تجاهل الجانب الفني .. أبداً. فالتمرين بعد الظهر كان أغلبه تكتيكي بالكرة ، يعطي النصائح ويوجه اللاعبين لتصحيح الأخطاء. لكن سر النجاح عند زيزو واضح، لتفوز يجب أن تكون بوضع مثالي بدنياً .. تماماً كما كان هو بإيطاليا. رسالته كانت واضحة للاعبين ودائماً ما يرددها بالتدريباس في الفالديبيباس كل يوم : " بالمهارة فقط لن تفوز بشيء " .


السوبر الأوروبي .. أولى الثمرات



أول لقاء رسمي لعبه الفريق كان السوبر الأوروبي أمام أشبيليه بعد 3 لقاءات ودية فقط، وأقل من شهر من تدريب الفريق إستعداداً لموسم 2016-2017 وإنتهى بفوز رجال زيدان 3-2. نتيجة عمل بينتوس ظهرت باكراً بهذا اللقاء حيث ركض اللاعبين 147.253 كيلومتر أقل عن لاعبي أشبيليه 151.941 كيلومتر لكن هذا طبيعي بالنظر بأن إعداد رجال سامباولي كان أطول وعدد اللقاءات التي خاضوها أكثر .

أكثر من ركض من لاعبي ريال مدريد كان لوكاس فاثكيث 15.627 كيلومتر ثم كاسيميرو 14.809 كيلومتر .. أرقام مذهلة على إعتبار أنهم لم يصلوا للوضع المثالي 100% بعد وهو أكبر مما ركضه اللاعبين بنهاية الموسم (وصلوا للقمة) بنهائي ميلان حيث ركضوا 133.3 كيلومتر وأعلى لاعبين كانوا كاسيميرو 13.1 كيلومتر ثم مودريتش 12.6 كيلومتر .. فالطبيعي أن يكونوا ركضوا أكثر بميلان عنه في تروندهيم . 



دائماً وأبداً
Hala Madrid

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق